Tears of joy Admin
المساهمات : 114 تاريخ التسجيل : 15/08/2010 العمر : 31
| موضوع: صمود ووفاء الخميس أغسطس 26, 2010 10:04 am | |
| جلس فوق تلك الصخرة الملساء التي يخالطها بياض وحمرة غامقة يتطلع للأفق البعيد ، فتلوح له أشجار الأرز السامقة وقد كلل الثلج هامتها المدببة الرفيعة ، فغدا مثل شيخ وقور صلب لا تقهره العواصف والأنواء .
كانت الدقائق تمر بطيئة وكأنها دهور طوال تثقل صدره وتشعل نيرانا كاوية داخل قلبه المتوجس للشرور والبلايا .
لم يكن هذا ديدنها في سالف الأيام فقد كانت تسابق الريح من أجل اللقاء ، وتطير فرحا من الوجد لقرب تتويج حب طاهر بالزواج الأكيد ، فهل عدلت عن رأيها وبدا لها في الأفق طريق أكثر لمعانا وتألقا .
تكاد الثواني تعصره وتقتله بأنياب الشك العاصف ، ويكاد الضجر يعصف به ويلقي بروحه في قفر سحيق، حيث الزوابع والعواصف تعوي مثل الذئاب الضارية .
سمع وقع أقدام وراءه فتهلل القلب واستبشر خيرا ، إنها هي فهو يحس دبيب قدميها يسري كالترياق في عروقه فتنتعش الورود بين دواخله من جديد ، وتحيي الأمل وهاجا بين الضلوع .
أدار وجهه فوجدها واجمة شاحبة والدموع تنز من عينيها كسيول جارفة للحب والأمل والنوى ، فانتفض من مكانه كالممسوس وصاح ملء فمه :
- ما بك يا فاطمة ؟ هل أصابك سوء ؟؟
حدقت فيه مليا والحسرة تعتصرها اعتصارا ، وأخرجت من فيها كلاما كالرصاص :
- لقد توفي والدي هذا الصباح فارتجت أركان البيت ، وخيم الحزن القاتم الثقيل على جميع الأسرة .
اغرورقت عيناه بالدموع وقال :
- لك الله يا فاطمة ، لا تجزعي ولا تحزني فسأكون لك الأخ والأب العطوف .
أمالت رأسها إلى الأرض وقالت :
- سامحني يا خالد ، فأنا لا أستطيع أن أكون لك زوجة من اليوم .
أدهشته كلماتها النارية فهتف كالمجنون :
- ماذا دهاك يا فاطمة ؟ أنقتل وليدا طالما رعيناه وغذيناه بدم القلب والروح ؟؟؟؟؟
صكت أسنانها بعصبية ظاهرة وقالت :
- الأمر ليس بيدي ياخالد ، فالظروف أقوى مني ومنك .
نظر في وجهها وهو لا يكاد يصدق ما سمعته أذناه وقال :
- حبنا أقوى من الزوابع الهوجاء ، وهوانا الطاهر العفيف أصلب عودا من تلك الأرزة الشماء .
تهاوت إلى الأرض كورقة ذابلة خريفية وقالت :
- أنا كبرى أخواتي ومن اليوم علي تحمل أعباء جسام ينوء تحت وطأتها الكاهل ، فغدا علي البحث
عن عمل لأعول أسرتي وأجنبهم مغبة الذل والسؤال .
أشرق وجهه وقال :
- لا تحملي هما أبدا فأنا فرد من عائلتك ، وسنحمل الأعباء سويا .
اعتدلت في جلستها وقالت :
- حمل ثقيل ياخالد سيعصف بالحب حتما مع الأيام .
جلس بقربها ونظرات حانية تشع من عينيه ثم قال :
- النصب الصادر منك برد وسلام ، والحب تضحية وإيثار، ولن أتخلى عنك مهما يكون .
أخذت خيوط اليأس تتبدد من عينيها الحزينتين ، فنهضت من مكانها وجلست على الصخرة العاتية
التي شهدت أحلام حبهما الذي رضع القوة والصمود والوفاء .
صمود ووفاء
منقول | |
|