منتدى العرب و المسلمون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى عربي اسلامي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  && ...احترق خبزك يا أمي...!!! ..&& وارتاع القلم الثائر بين جنبات الوادي القصصي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Tears of joy
Admin
Admin
Tears of joy


المساهمات : 114
تاريخ التسجيل : 15/08/2010
العمر : 31

 && ...احترق خبزك يا أمي...!!! ..&& وارتاع القلم الثائر بين جنبات الوادي القصصي Empty
مُساهمةموضوع: && ...احترق خبزك يا أمي...!!! ..&& وارتاع القلم الثائر بين جنبات الوادي القصصي    && ...احترق خبزك يا أمي...!!! ..&& وارتاع القلم الثائر بين جنبات الوادي القصصي I_icon_minitimeالخميس أغسطس 26, 2010 10:07 am

&& ...احترق خبزك يا أمي...!!! ..&&

وارتاع القلم الثائر بين جنبات الوادي القصصي

مساحة للبوح القصصي الحر

بقلم/ السيد خضر

القاهرة في: الرابع والعشرين من أغسطس لعام عشرة وألفين.


ترمي ببصرها نحو طيف يرتسم في السماء أشباه أقواس تختفي نحو اللاعودة، تحملق مندهشة، تتصارع في نفسها وساوس الأفكار المتضاربة، تجاهد تلك الوساوس بالاستغفار، وتتقوى على الأفكار المتضاربة بلحظة صمت تأخذها إلى الوراء، هذا الماضي الذي شهد الوداع، لم تستطع أن تتجاهل أو تتناسى سفائن الفوضى التي طالتها أيدي السوافي لحظة ابتلاع البحر فلذة كبدها وبعلها، لم تعثر في صندوق ذكرياتها سوى صورة تكحل بها مقلتيها حينما تشتاق إلى بعلها، أو تلتف وشائجها آذنة باحتضان ربيع المفقود بين الأمواج الكابية المتلاطمة.

من صمت إلى شرود يأخذها إلى اللحظات الأليمة، لم يكن في مخيلتها أن هناك قادماً آتياً مختفياً يؤلمها، ويسلبها فرحتها الآنية، ويحرمها من رفقة وأُنّس الزوج الذي تسرّى بها، وعطف الإبن الذي يرتمي بين أحضانها حينما تغلق أبواب العطايا البشرية البائسة فيبتهل راجياً..كانت تترجم تأففه، وآهاته المحتبسة بين الخافق التي يأبى أن يبوح بها من نفوس البشرية المهووسة بجنون المادة والطمع في الزيادة الفانية.. كانت تحلو له المرمطة بين أزقة وأمصار وحواري الكون الفسيح عاكفاً على رزقه بين الخلائق الساعية، كابحاً جماح إنعاقه إزاء شنئآن قومه.. !!

لازالت تنظر في الأفق نحو الخطوط المتعرجة وكأنها آملة بشيء قادم بين سديم الغيوم، تتلهف في حيرة لف فيها ظلام الليل حول موقدها، تراودها أهلة رجوع عبدالحميد الذي فارقها قبل ضحوة العمر، وربيع الذي شاب هواه ورجاؤه ألاّ يعتريه اليأس المر، هما اللذين لم يغيبا عن ذهنها، كانت تتحيى لقاءهما، وإن كانا في تعداد الموتى... ليلتها التي يضل النجم في عرصاتها ليست كأي ليلة إذا تصادفت ذكرى الشهيدين اللذين منذ أن فارقتهما لم تهنأ كغيرها الذي يغط في سبات عميق، ليلها شجون، ونهارها شرود، راحت أنوثتها المتوهجة تنطفأ مع ذوبان أول شمعة كالتي قضت نحبها وأدراجها المقدار في كفن الفجر، تلك الشمعة التي كانت تشق الدجي ليستنير بها السائر بين جنبات بيت يتسع نحو أربعة أمتار بالكاد، حال أهل قرية الآمال الموءودة لن يختلف عن ذلك كثيراً، فالبيوت مصممة كأشباه حجرات السجون ...!!!

تسند ظهرها إلى الجدار بعدما أضحى الدجى فحم سرى في سواده، طأطأت رأسها، ثم رفعتها ببطء ثم أوعزتها، ووضعت يدها اليمني تحملها اليسرى على وجنتها،... تفرك عينيها الجميلتين التي أخذت تغوص في وجهها كالماء الذي يضرب شواطئ اليابسة فاستحالت إلى أمتار داخله، عازفة عن أن تمد يدها لتضع كسرات الحطب داخل موقدها الذي أوشكت نيرانه أن تخمد، وعجينها الذي تخمر تماماً بين مضمار قدرها، كان يحلو لها دائماً أن تصنع خبزها في سكون الليل الهادئ الذي تزينه النجوم ويتعرشه القمر، تنظر إلى الموقد عاجزة أن تمد يديها لتطعم نيرانه الجائعة ويكأ أنه ذلك، تعود إلى حالة الشرود، تتذكر ضحكات ربيع الذي بلغ الحادية عشر من عمره عندما كان يتصابي والده له، تشعر كأنهما صديقان، تنظر إلى فخذها الذي كان يضع رأسه عليه وقت الظهيرة تداعبه حتى يسرقه النوم فتتشابك أهدابه، وكثيراً ما كانت تطمع أن تعانقه فيشعر بدفء الأمومة المنتقلة من وجدانها إلى وجدانه، تلمس فخذها وكأنها تلتف بيدها فتحتضنه في لحظة انسجام وغبطة آنية تستشعرها، ولكن سرعان ما استتفاقت من ولهها المغمور بعواطف جياشة، كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، اصطكت أسنانها، تنتفض من الخوف الذي سرى كالدماء في أوردتها، تحرك النيران التي خمدت فتوهجت قليلاً، ثم أطعمتها الحطب المكَوم أمامها فعادت تؤجج من جديد، ومدت يديها تجرجر قدر العجين ، تكشفته فراحت رائحته تفوح، اقطعت منه قطعة صغيرة وضعتها على حامل خشبي يشبه الدائرة " المطرحة " وأخذ تلفها في الهواء فاستدارات كالدائرة، ثم تلقفها فتشجها نصفين، ثم تضعها على عرصة الموقد المستجمرة، يحضرها صوت ربيع الذي تنتشيه وكلماته التي تسبح في أعماقها.. تبسمت قليلاً وهي تحرك الخبز ..غمضت عينيها وعادت تستذكر تلك الكلمات .. يا أمي يا أمي .. احترق خبزك يا أمي ... احترق خبزك يا أمي..!!

إيماناً من لدنا بأن الإبداع الأدبي يعبر لنا نحو عوالم كامنة في غياهب الذات المغلقة التي تسدل ستائرها على العديد من الحقائق المؤلمة ...تستجدي أن نكتشفها ولن يتوقف الأمر عند كاتب معين، أو أديب مفهوه ..فالإبداع الأدبي ليس له حدود..!!

منقول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://arabetisslam.yoo7.com
 
&& ...احترق خبزك يا أمي...!!! ..&& وارتاع القلم الثائر بين جنبات الوادي القصصي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى العرب و المسلمون :: الادب و الشعر :: القصص القصيرة-
انتقل الى: